مشاعرنا التي فقدناها نتيجة اهتمانا بالكلمة و اعطيناها درجة كبيرة من الاهمية حتى لم نبقي للمشاعر مساحة في داخلنا
الانسان هذا الكائن العجيب الذي تقتله كلمة ، و تحييه ابتسامة ، الذي يمكنه ان يعيش ليوم او يومين او حتى اكثر من ذلك دون اكل و شرب ، لكنه لن يستطيع ان يعيش مقدار ذلك دون اهتمام دون حب دون عطف و مواساة .
حتى و ان عاش فإن ما ينقصه كبير جدا ، قد لا يبدي ذلك على ملامحه ، لكنه في اعماق نفسه و روحه يتألم و يتعذب ، ان الحاجة للالتفاف و التعاطف و المواساة فيما بين البشر له اكثر من اثر على الصحة النفسية للفرد ، و التي تنعكس حتما على المجتمع .
ان شفاء الروح لن يكون بأدوية كيميائية مثل العقاقير التي تباع في الصيدليات ، بل شفائها في احتضانها في مواساتها في اعطائها ذلك الغذاء الروحي الذي لا يقاس بحجم، او ميزان محسوس، فمثلا الحضن الدافئ لن تجد ما يقابله في علم الكيمائيات ، و ان قبلة الجبين كذلك لا وجود لما يقابلها.
ان الاهتمام والاحترام دون قيد او شرط ، و اعطاء مساحة للإنسان للتنفيس عما بداخله من آلام ، لن يتطلب من بني البشر اكثر من بضع دقائق لكنه حتما له اثر على النفس و الروح. اعتقد انك جربت يوما كيف ان سقوط تلك الدموع العفوية من جراء الم قديم أمام من اعطاك مساحة للتعبير و التنفيس ، يزيل عن كاهلك ثقل مثل الجبال ، الامر اشبه بأن تلقى حملا عن كاهلك. انه بمجرد ان تفرغ تلك الشحنة التي تكبتها تنطلق روحك عاليا و تنتابك السعادة ، مثل ذلك العصفور الذي تم حبسه في قفص و ذاق حرية التحليق في الافق ، هذا هو المغزى من الاحترام، و المواساة ، و التعاطف. أن نعطي بعضنا البعض المساحة الكافية للتحليق و التعبير عن انفسنا دون ان نشعر اننا ننقص من قيمتنا و دون الشعور بالإحراج.
لن يتطلب الامر اكثر من بضع دقائق لتعم السعادة ، و تصل الى أبعد المدى ، و يشعر بها الجميع تتغلغل داخل نفسه و روحه ، و يحلق معها عاليا دون قيد او شرط . إن التضييق و وضع الشروط لحرية النفس و الروح يجعل الغالبية العظمى تعتقد انها بعيدة المنال، بسبب تلك القوانين التي ربما ساعدة إنسان لكنها لن تساعد أناس أخرين. فقط اعطى بضع دقائق من وقتك لمن حولك و سوف ترى الساعدة تتغلغل في نفسك و روحك اولا، و سوف تنتابك السكينة من الداخل و تظهر على ملامحك الخارجية. و سوف تحلق روحك عاليا.