تروى
القصص بأشكال مختلفة ، منها القصة الحقيقية ، و منها الخيالية، و طبعا لها بطل او بطلة
، لإضفاء عليها شيء من الجاذبية ، شيء من الواقعية ، حتى و ان كانت تلك القصص عبارة عن
اساطير . تجذب الكثيرين لقراءتها أو سماعها و قد تكسب
تعاطفهم في النهاية .
لكن
هناك نوع اخر من القصص التي لم تكتب ، و لم تسرد ، و لن تستطيع الكلمات وصفها أو التعبير
عنها و لن نكون مبالغين ان قلنا لن تستوفي الكلمات و لو جزء بسيط منها. لأنها
ببساطة لا تعتمد على العناصر المعروفة التي تحتوي عليها كل قصة. مثل الزمان و
البطل ... الخ
الدموع
التي تنهمر من العيون ، في سيل عارم ، شحوب الوجوه و الهالات السوداء تحت العيون ،
و الاسى العميق الذي ينهش الجسد و الروح في آن واحد قصص عن الخذلان ، عن الحزن ، تظهر على الملامح. تحمل
في طياتها الاف القصص و الاف الابطال ، كما يمكن ان تكون في ازمان مختلفة ، الماضي
، الحاضر و المستقبل معاً . و تبقى قصص حقيقة حتى و ان لم تستطيع الأغلبية قراءتها
، أو سردها في اسلوب قصصي ، لا يمكن للكلمة
ان تعبر عنها مهما كانت
صادقة ، و بليغة. انها قصص حارة ، و حرارتها مشتعلة على الدوام في الافئدة . لذا هي
غير قابلة للقصص، غير قابلة للتشكيل مهما حاولنا أن نشكلها لا يمكن أن نجعل لها أبعاد
متعارف عليها.
إنها قصص لصنف راق جدا من القراء و المستمعين ، الذين تجاوزوا حدود الكلمات ، و
المعاني الى ما هو اسمى من ذلك. صنف تذوق طعم لغة المشاعر و تعابير الوجه و الجسد ، و أصبحت تبوح له بقصصها
الغير قابلة للقصص ،أو التي توجه الي
الطبقة الراقية من القراء و المستمعين .
هذه
الطبقة التي ربما تجرعت نفس الالم أو ما هو اكبر بكثير منه ، و ذرفت الدموع ، و اشتعلت
في الفؤاد تلك الحرارة التي أحرقت مساحات شاسعة من الملاذ و الشهوات و حطمة الكثير من الاحلام و الآمال الشخصية ،
حتى طهرته و ارتقت به الى مصاف القراء و المستمعين الراقين.